ماذا لو كنتِ قادرة على إيقاف الزمن في لحظة خصوبة؟ أن تحافظي على فرصة الأمومة حتى عندما تكون الظروف غير مواتية الآن؟
تجميد بويضات المرأة لم تعد فكرة خيالية، بل أصبح بابًا حقيقيًا للتحكم بمصيركِ الإنجابي، في هذا المقال، ستجدين كل ما تحتاجينه لفهم هذا الخيار عن قرب.
مامعنى تجميد البويضات؟
تجميد بويضات المرأة هو إجراء طبي يتم فيه استخراج البويضات من مبيض المرأة وتجميدها وتخزينها في المختبر لاستخدامها لاحقًا في الإنجاب.
الهدف من تجميد البويضات هو الحفاظ على الخصوبة، خصوصًا إن كانت المرأة ترغب في تأجيل الحمل، أو ستخضع لعلاج طبي قد يضر بخصوبتها أو لديها ظروف صحية أو عائلية.
وعند الرغبة في الحمل لاحقًا يتم إذابة البويضات المجمدة ثم تخصيبها بالحيوانات المنوية في المختبر، وبعدها يتم زرع الجنين الناتج في الرحم.
كيف يتم تجميد البويضات؟
عملية تجميد بويضات المرأة هي عملية طبية دقيقة تمر بعدة مراحل، وخطواتها بالتفصيل كما يلي:
1- التحفيز الهرموني للمبيض
- تعطى المرأة أدوية هرمونية لمدة 8 – 14 يوميًا، لتحفيز المبيض لإنتاج عدد أكبر من البويضة.
- تتابع الاستجابة بالسونار وفحوصات الدم.
2- سحب البويضات
- يتم تحت تخدير خفيف أو كلي.
- يوجه الطبيب إبرة دقيقة عبر المهبل إلى المبيض باستخدام السونار لسحب البويضات.
- تستغرق العملية نحو 20 – 30 دقيقة.
- تُنقل البويضات فورًا إلى المختبر.
إليكِ أيضًا: اعراض سرطان عنق الرحم إشارات لا تهمليها قد تنقذ حياتك
3- تقييم البويضات واختيار الصالح منها
- يقوم أخصائي الأجنة بفحص البويضات تحت المجهر.
- يتم اختيار البويضات الناضجة والصحية فقط لتجميدها.
4- التجميد السريع
- تستخدم تقنية تجميد بويضات المرأة السريع التي تمنع تكون بلورات ثلجية.
- تخزن البويضات في نيتروجين سائل بدرجة حرارة -196°C.
5- التخزين
- تبقى البويضات مجمدة لسنوات، ويمكن استخدامها لاحقًا متى أرادت المرأة الإنجاب.
- لا يوجد حد زمني علمي ثابت لعمر التخزين.
- في الأغلب يسمح بالتخزين من 10 إلى 20 سنة أو أكثر حسب القوانين.
ما هي أسباب تجميد البويضات؟

هناك العديد من الأسباب التي قد تدفع المرأة إلى تجميد بويضاتها، وتشمل أبرزها ما يلي:
1- تأجيل الحمل لأسباب اجتماعية أو مهنية
تُفضّل بعض النساء تأخير الحمل بسبب ظروف حياتية مثل الالتزامات المهنية أو غياب الشريك المناسب.
ونظرًا لأن جودة وعدد البويضات ينخفضان مع التقدم في العمر، يُعد تجميد بويضات المرأة في سن مبكرة خيارًا احتياطيًا للحفاظ على القدرة الإنجابية في المستقبل.
2- وجود أمراض قد تهدد الخصوبة
بعض الحالات الصحية قد تؤثر سلبًا على وظيفة المبايض، مثل:
- علاجات السرطان، كالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي، التي قد تُتلف أنسجة المبيض.
- بطانة الرحم المهاجرة، والتي قد تضعف جودة البويضات.
- تكيس المبايض واضطرابات الهرمونات، التي قد تؤدي إلى خلل في البويضات.
إليكِ أيضًا: هل تؤثر اعراض الغده الدرقيه عند النساء على الحمل والخصوبة؟
3- الخضوع لجراحات في المبيض
العمليات الجراحية مثل إزالة الأكياس أو الأورام من المبيض يمكن أن تؤثر على وظيفته أو تُقلل من عدد البويضات المتاحة، ما يجعل تجميد بويضات المرأة قبل الجراحة خيارًا وقائيًا.
4- الاستعداد الوراثي لانقطاع الطمث المبكر
في حال وجود تاريخ عائلي لـ انقطاع الطمث في سن مبكرة، كأن تكون الأم أو الأخت قد تعرضت له، فقد يُنصح بتجميد بويضات المرأة مبكرًا لتأمين فرصة الحمل لاحقًا قبل تراجع الخصوبة.
ما هو العمر المناسب لتجميد البويضات؟
العمر المثالي لتجميد بويضات المرأة يتراوح ما بين 25 و35 عامًا، إذ تكون البويضات خلال هذه الفترة في أعلى مستويات الجودة والكمية.
إجراء التجميد في هذا العمر الخيار الأكثر فعالية، لأنه يُعزز فرص الحمل الناجح في المستقبل عند استخدام هذه البويضات.
أما بعد سن 35، فتبدأ جودة البويضات وعددها في التراجع بشكل تدريجي، مما قد يقلل من فاعلية التجميد ويؤثر سلبًا على احتمالات الإنجاب لاحقًا.
هل يمكن تجميد البويضات لغير المتزوجات؟
نعم، يمكن أن يتم تجميد بويضات المرأة لغير المتزوجات خاصةً إذا كن في عمر الخصوبة الأمثل ويرغبن في الحفاظ على فرصة الإنجاب مستقبلًا.
ولكن يتم ذلك تحت شروط، ألا يتم تخصيب البويضات إلا بعد الزواج الشرعي، وأن تكون البويضات محفوظة بطريقة آمنة تمنع التلاعب أو الاختلاط.
ما هي طريقة تجميد البويضات للعذراء؟

يمكن تجميد بويضات المرأة غير المتزوجة بشرط توفر حالة صحية مناسبة، ويتم ذلك بطريقة طبية آمنة تحافظ على العذرية دون الحاجة إلى أي تدخل مهبلي، وذلك من خلال الإجراءات التالية:
1- فحص الحالة وتقييم الخصوبة
- يبدأ الطبيب بقياس مستوى الهرمونات مثل AMH وتحليل المبايض بالسونار.
- يتم التحقق من قدرة المبيض على إنتاج عدد كافٍ من البويضات.
إليكِ أيضًا: ما أعراض حمل خارج الرحم؟ وهل يمكن التخلص منه دون جراحة؟
2- تنشيط المبيض بالأدوية
- تعطى المرأة حقنًا هرمونية لمدة 10 – 14 يوم لتحفيز المبيض لإنتاج بويضات متعددة.
- يتابع الطبيب نمو البويضات باستخدام السونار البطني حفاظًا على العذرية.
3- سحب البويضات
- يتم الإجراء تحت تخدير كلي أو جزئي.
في حالة المرأة العذراء يختار الطبيب إحدى الطريقتين:
- السحب عن طريق جدار البطن: عن طريق إبرة رفيعة موجهة بالسونار عبر جدار البطن للوصول إلى المبيض.
- السحب المهبلي مع تجنب غشاء البكارة (نادر): قد يستخدم لبعض الحالات إذا كان ذلك آمنًا ويتم بحذر شديد.
4- تجميد البويضات
- تجمد البويضات بتقنية التجميد السريع.
- تخزن في النيتروجين السائل (-196 درجة مئوية) ويمكن حفظها لعدة سنوات.
هل يمكن تجميد البويضات في سن الخمسين؟
من الناحية الطبية تجميد بويضات المرأة في سن الخمسين غير شائع وغير فعال في الغالب، وذلك للأسباب التالية:
انخفاض شديد في مخزون وجودة البويضات
بعد سن 45 تكون معظم البويضات قد نفذت أو أصبحت غير صالحة للاستخدام، وفي سن الـ 50 تكون المرأة قد دخلت أو اقتربت جدًا من سن اليأس (انقطاع الطمث) ما يعني أن التبويض قد يتوقف فعليًا.
إليكِ أيضًا: هل يؤدي سكر حمل إلى ولادة الجنين ميت؟
فاعلية التجميد والإنجاب تصبح محدودة
حتى في حالة استخراج بويضات قليلة، فإن نسبة نجاح الحمل باستخدامها منخفضة جدًا، فالبويضات في هذا العمر غالبًا ما تحتوي على خلل كروموسومي.
كم نسبة نجاح تجميد البويضات؟

تعتمد نسبة نجاح تجميد بويضات المرأة على مجموعة من العوامل، أبرزها عمر المرأة عند التجميد، وجودة البويضات المستخرجة، وهذه العوامل مجتمعة لتحديد فرص الحمل لاحقًا، ويكون ذلك كما يلي:
عمر المرأة عند التجميد | نسبة بقاء البويضات بعد التجميد والذوبان | نسبة التخصيب بالبويضات المذابة | فرصة الحمل بعد النقل |
أقل من 35 عام | 90 – 97% | 70 – 80% | 40 – 60% تقريبًا |
بين 35 و38 عام | 85 – 90% | 65 – 75% | 30 – 50% تقريبًا |
فوق 40 عام | أقل من 80% | أقل من 60% | 10 – 20% فقط |
كم هي مدة تجميد البويضات؟
يمكن حفظ البويضات المجمدة لفترات طويلة جدًا دون أن تتأثر جودتها بشكل كبير، بشرط أن تخزن بطريقة صحيحة باستخدام تقنية التجميد السريع.
فمن الناحية العلمية لا يوجد حد زمني صارم بيولوجيًا، فالبويضات المجمدة تظل صالحة لعشرات السنين ما دامت محفوظة في ظروف مخبرية مناسبة.
هل تجميد البويضات يمنع الحمل؟
تجميد بويضات المرأة لا يمنع الحمل، بل يُعد وسيلة طبية فعالة تساعد المرأة على الحفاظ على خصوبتها، خاصة في حال رغبتها في تأجيل الإنجاب.
هذا الإجراء لا يؤثر سلبًا على وظيفة المبيض أو قدرته على التبويض، ولا يعيق حدوث الحمل الطبيعي في المستقبل ما دامت المرأة لا تعاني من مشكلات صحية أخرى تعوق الإنجاب.
بل على العكس، يُعتبر تجميد البويضات إجراءً وقائيًا يمكّن المرأة من استخدام بويضاتها لاحقًا، عندما تكون مستعدة للحمل، دون أن يتأثر ذلك بجودة البويضات مع التقدم في العمر.
إليكِ أيضًا: الدليل الإرشادي لـ صحة المرأة حول انقطاع الطمث وآثارها الجانبية على المدى البعيد
هل تجميد البويضات يوقف الدورة الشهرية؟
لا، تجميد بويضات المرأة لا يؤدي إلى توقف الدورة الشهرية، فعملية استخراج البويضات لا تسبب انخفاضًا دائمًا في مخزون البويضات ولا تؤثر على انتظام الدورة.
المرأة تُولد بملايين البويضات، ويُستهلك عدد منها طبيعيًا في كل دورة شهرية، وخلال إجراء التجميد يحفز المبيض لإنتاج عدد أكبر من البويضات في دورة واحدة، وهي بويضات كانت ستتلاشى طبيعيًا.
لذلك، فإن سحبها لا يخل بتوازن الجسم ولا يغير نمط الدورة الشهرية، التي تعود إلى طبيعتها بعد انتهاء الإجراء.
ما هي أضرار تجميد البويضات؟

على الرغم من أن تجميد بويضات المرأة إجراء آمن تمامًا إلا أنه قد ينتج عنه بعض الأضرار والآثار الجانبية، وذلك مثل:
أعراض جانبية من أدوية تنشيط المبيض
يتم إعطاء المرأة حقن هرمونية لتحفيز المبيض لإنتاج بويضات متعددة، وقد تتسبب هذه الأدوية في:
- انتفاخ.
- صداع.
- تقلب المزاج.
- آلام خفيفة في البطن.
متلازمة فرط تنشيط المبيض (نادرة)
تحدث عندما يستجيب المبيض بشكل مفرط للمنشطات، وتشمل الأعراض:
- غثيان أو قئ.
- تورم المبيضين.
- آلام شديدة في البطن.
- نادرًا ما تؤدي إلى مضاعفات خطيرة.
مخاطر أثناء إجراء سحب البويضات
يتم السحب عادةً عبر المهبل تحت التخدير، وقد تحدث مضاعفات نادرة مثل:
- نزيف.
- عدوى.
- إصابة في المثانة أو الأمعاء (نادر جدًا).
عدم ضمان الحمل مستقبلًا
رغم أن التجميد يحافظ على خطوبة المرأة، إلا أنه لا يضمن حدوث الحمل بنسبة 100%، ففرص الحمل تعتمد على:
- عمر المرأة عند التجميد.
- عدد وجودة البويضات المجمدة.
- حالتها الصحية عند استخدام البويضات.
وفي النهاية، لا أحد يستطيع إيقاف الزمن، لكننا نستطيع أن نواكبه بذكاء، وتجميد بويضات المرأة هو أحد تلك الحلول التي تجمع بين العلم والأمل، وتمنحها حق الاختيار، لا الاضطرار.
لا توجد تعليقات